بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة والسلام على اشرف المرسلين
الصيام عبادة تعمل على تزكية النفس واحياء الضمير وتقوية الايمان واعداد الصائم ليكون من المتقين كما قال تعالى:"كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون."
لهذا يجب على الصائم ان ينزه صيامه عما يجرحه وربما يهدمه وان يصون سمعه وبصره وجوارحه عما حرم الله تعالى وان يكون عف اللسان فلا يلغو ولا يرفث ولا يصخب ولا يجهل والا يقابل السيئة بالسيئة بل يدفعها بالتي هي احسن وان يتخذ الصيام درعا واقية له من الاثم والمعصية ثم من عذاب الله في الاخرة ولهذا قال السلف :ان الصيام المقبول ما صامت فيه الجوارح من المعاصي مع البطن والفرج عن الشهوة. وهذا ما ارشد اليه المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله :"الصيام جنة فاذا كان يوم صوم احدكم فلا يرفث ولايصخب فان امرؤ سابه او قاتله فليقل اني صائم مرتين" متفق عليه عن ابي هريرة رضي الله عنه. وقال عليه الصلاة والسلام :"من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه" رواه البخاري في كتاب الصوم. وقال ايضا :"رب صائم ليس له من صيامه الا الجوع" رواه النسائي وابن ماجة عن ابي هريرة رضي الله عنه ورواه عنه احمد والحاكم والبيهقي بلفظ :"رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش".
وكذلك فهم الصحابة وسلف الامة حقيقة الصيام قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ليس الصيام من الشراب والطعام وحده ولكنه من الكذب والباطل واللغو. وقال جابر بن عبد الله الانصاري : اذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والماثم ودع اذى الخادم وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ولا تجعل يوم فطرك ويوم صومك سواء. وكان ابو هريرة واصحابه رضي الله عنهم اذا صاموا جلسوا في المسجد وقالوا : نطهر صيامنا. وعن حفصة بنت سيرين من التابعين قالت : الصيام جنة ما لم يخرقها صاحبها وخرقها الغيبة. وعن ميمون بن مهران : ان اهون الصوم ترك الطعام والشراب.
والسؤال الجوهري في هذا الموضوع -هل فهمنا نحن حقيقة الصيام؟ وهل سعينا جادين لنكسب التقوى في هذا الشهر الكريم لتتحسن اخلاقنا ومعاملاتنا ونرضى بذلك ربنا عز وجل ونصطلح معه؟ ام هل سيبقى الصائم في واد وسلوكه واخلاقه في واد اخر؟ وهل سنكف عن اللغو والغيبة والنميمة والكذب والغش في التجارة والانغماس في الشهوات والملذات وتضييع الاوقات والتفنن في انشاء الخصومات؟ ام اننا فهمنا حقيقة الصيام وسنعلنها توبة في هذا العام لنخرج من شهر الصيام وقد اخذنا دورة تدريبية في مهارة كسب التقوى وطاعة الرحمان لنوظفها في اصلاح حياتنا في سائر الايام لننال بها بفضل ربنا جنة الرضوان؟
اللهم الهمنا رشدنا وبصرنا بعيوبنا ووفقنا لصيام هذا الشهر الكريم ايمانا واحتسابا واكتبنا فيه من المتقين واعتق رقابنا من النار اجمعين امين امين.